حصلت «الدستور» علي مستندات تكشف إحدي الوقائع الجسيمة لإهدار المال العام بوزارة البترول في مشروع إنشاء المجمع الطبي للعاملين بالهيئة المصرية العامة للبترول والذي أطلق عليه اسم «مجمع سكاي الطبي» والذي تنفذه شركة «أودلجا» النمساوية «كمقاول» بتكلفة تقدر بنحو 500 مليون جنيه.
وتكشف المستندات أن الهيئة قررت طلب قرض أجنبي بقيمة 46 مليون يورو (نحو 350 مليون جنيه) لشراء المعدات الطبية للمشروع، بخلاف تكلفة الإنشاءات التي تصل إلي 100 مليون جنيه.
وتثير بنود التعاقد مع الشركة المنفذة العديد من علامات الاستفهام حول انتقاء شركة أجنبية لتنفيذ المشروع رغم قدرة العديد من الشركات المحلية علي تنفيذه ووجود سابقة أعمال لها مع وزارة البترول، والإصرار علي التعاقد مع هذه الشركة بالأمر المباشر لشراء معدات تتكلف نحو 400 مليون جنيه، ثم الاستدانة لإتمام العملية بشروط سداد مجحفة، بالمخالفة لقانون المناقصات والمزايدات الحكومية رقم 89 لسنة 98، الأمر الذي دفع اللجنة المالية الفرعية التابعة للجنة المشرفة علي المشروع إلي الاعتراض علي طلب القرض.
وتبدأ وقائع هذه الفضيحة في 25 يونيو 2009، حين تقدمت شركة أودلجا النمساوية بعرض لوزارة البترول لتدبير مبلغ 46 مليون يورو لشراء المعدات اللازمة لمشروع معدات وأجهزة المجمع الطبي التي تعتزم إنشاءه علي أن يتم صرف القرض علي جزءين لشراء المعدات والأجهزة الطبية للمجمع، الأول منهما يبلغ 39.1 مليون يورو لشراء المعدات والتجهيزات الطبية بنسبة 85% من قيمة المعدات، مقدم من مجموعة «فا تيك فاينانس» «Vatech finance» وهي مجموعه مالية وهندسية ضخمة تم تأسيسها في النمسا عام 1995 ولها نشاط في مختلف أنحاء العالم) علي أن يتم الاقتراض من فرع المجموعة في أيرلندا بضمان وكالة الصادرات النمساوية، ويتم سداده علي 12 عاما علي أن يتم تقديم نسبة 15% المتبقية من القرض بقيمة 6,9 مليون يورو في صورة قرض تجاري يجري سداده خلال عامين، إلا أن «أودلجا» أخلت بالاتفاق الذي أبرمته ورفضت مد فترة السداد إلي 12 عاما، وقررت من طرف واحد قصرها علي 6 سنوات فقط وعدم الاكتفاء بسداد القرض بضمان عوائد المشروع، حيث طلبت توفير ضمان بنكي محلي آخر، وهو ما رفضه البنك الأهلي نظرا لعدم توافر السيولة من النقد الأجنبي بالإضافة إلي ارتفاع معدلات الفائدة لقرض تمويل الصادرات إلي 4.5% سنويا كفائدة متغيرة، ومخاطر تغيير سعر الصرف ومصروفات تدبير العملة باليورو، مما تسبب في كارثة الاضطرار لسداد القرض بأكثر من قيمته وفقًا لتغير سعر الصرف المؤكد في المستقبل.
وقد دفعت هذه المخاوف اللجنة المالية للمطالبة بتخفيض معدلات الفائدة ومحاولة تثبيت قيمة القرض بالدولار بعد الانتهاء من سحب قيمة التمويل استنادا إلي توافر السيولة لدي شركات قطاع البترول فضلا عن الهيئة، علي أن يكون القانون الحاكم هو القانون الإنجليزي، وليس قوانين أوروبا كما جاء بالقرض التجاري.
المفارقة أن وزارة البترول ردت برفض هذه التوصيات والاستجابة لتحذيرات اللجنة المالية من مخاطر هذا القرض، كما رفضت العرض المقدم من البنك الأهلي لتمويل الصفقة بالكامل بالجنيه المصري بنحو 400 مليون جنيه، مع التحفظ علي ودائع بنصف قيمة القرض واحتساب الفوائد علي نصف القرض غير المغطي، الأمر الذي كان من شأنه أن يوفر علي وزارة البترول الكثير من أعباء القرض الأجنبي ومخاطر سداده بسعر صرف متغير للعملة الأجنبية، إلا أن وزارة البترول، وفي مشهد يحمل العديد من الألغاز قررت إعادة التفاوض مرة أخري مع الشركة النمساوية، حول قرض التمويل، عبر تفاصيل مريبة ننشرها في عدد الغد
أضف تعليق